روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | تربية الفتاة.. على شكر النعم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات تربوية واجتماعية > تربية الفتاة.. على شكر النعم


  تربية الفتاة.. على شكر النعم
     عدد مرات المشاهدة: 3959        عدد مرات الإرسال: 0

 تتعجب إحدى الأمهات قائلةً: على الرغم من أنني أشتري لها الجديد دائمًا، وأحاول أن أوفر لها الحياة الكريمة، بحيث لا تقل عن زميلاتها، إلا أنّ ابنتي دائمًا ساخطة على أوضاعنا المادية، لا ترى بعينيها إلا زميلاتها اللاتي يعشن في مستويات مادية مرتفعة.

ودائمًا تردد: لماذا لا تشترين لي ملابس من محل كذا؟ لماذا لا نمتلك سيارة حديثة مثل فلانة؟ لماذا لا نقضي عطلة الصيف في مصيف كذا أو كذا؟ هل تسمي هذا اليوم الذي قضيناه في النادي نزهة حقيقية يا أمي؟ إنني أعيش في أقل مستوى بين زميلاتي..!"

عزيزتي الأم..

يظل التسخط على المستوى المادي، وعدم القناعة والرضا بالحال من السلوكيات السيئة التي قد تصدر من بعض الأبناء والبنات خاصة في مرحلة المراهقة، حيث سرعة النمو، والابتهاج بمتع الدنيا، والرغبة في الانطلاق وراء إشباع الرغبات، والشعور بالاستغناء عن الغير.

كذلك يتأثر الأبناء والبنات في هذه المرحلة تأثرًا كبيرًا بالصحبة، والتي قد تكون ساخطة أيضًا، أو غير متكافئة في المستوى المادي والاجتماعي، كل ذلك مع غياب التربية الإيمانية السليمة قد يفرز أبناء وبنات لا يعرفون عبادة الشكر.

وقد يبرز هذا الاتجاه في التفكير لدى الفتيات فيما يتعلق بالملابس، والنزهات، والصورة الافتراضية لزوج المستقبل، وشكل الحياة التي تطمح الفتاة أن تعيشها.

ولأن الغايات والأهداف تعكس اهتمامات الفرد؛ فإن هذه الصورة تنم عن فتاة لم تتربى الموقف السليم المتوازن الذي يتخذه المؤمن حيال حياته الحالية في الدنيا، ومستقبله الآتي في الآخرة ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ " [صححه الألباني صحيح الجامع].

ولنبدأ من القدوة..!

في كثير من الأحيان، لو دققنا النظر لوجدنا أن اعتراض الفتاة على حالها وسخطها على رزقها هو لسان حال أمها التي تردد تلك العبارات دائمًا، وتتطلع للأفضل ماديًا وتقارن بين معيشتها ومعيشة صديقاتها الميسورات ماديًا؛ فتتحسر على حالها ولا تشكر نعمة الله عليها، وكل ذلك على مرأى ومسمع من ابنتها التي تشب وتكبر على تكرار هذا المشهد في كل مناسبة، فما هو المتوقع لهذه الابنة المسكينة ؟

إن مركز الأم بالنسبة لابنتها هو القدوة الأولى والمثل الأعلى الذي تحاكيه تلقائيًا، ولذلك تظل مسئولية الأم كبيرة جدًا تجاه بناتها على وجه الخصوص، فهي القدوة في الاهتمامات والأهداف، والغايات فالأم التي غايتها في الحياة المأكل والمشرب والملبس، ومساير الجديد، والتطلع إلى الأفضل في إطار هذه الأشياء؛ فإن ابنتها بلا شك.

وغالبًا ستكون سطحية الأهداف والغايات والاهتمامات، ولن تبتعد كثيرًا عن سلوكيات الأم.

وقد تغلب هذه الأهداف على الأهداف الأخرى في حياة البنت فتؤدي إلى تدني مستواها في دراستها ومستقبلًا كزوجة وأم..! [أخطاء شائعة في تربية البنات، عادل فتحي عبد الله، ص(33)].

والآن عزيزتي الأم..لعلك تتساءلين:

وكيف أربي ابنتي على القناعة والشكر؟

هناك خطوات كثيرة لتخليص الفتاة من الجحود واستقلال النعم، ونقلها إلى إدراك حجم النعم الكثيرة التي نرفل فيها، ومن ثم المداومة على عبادة الشكر، وهذه الخطوات ما هي إلا توجيه القرآن الكريم، ثم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وسلوكه العملي، في تربية المسلمين على عبادة الشكر لله تعالى، نذكر من هذه الخطوات:

العناية بالتربية الإيمانية:

وهنا تركز الأم على ترسيخ عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر في نفس ابنتها، وإبراز حكمة الله تعالى في جعل الناس متفاوتون في الرزق بمعناه الشامل لكل ما ينفع المرء في دينه ودنياه، قال تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [النحل: 71].

ومن عناصر التربية الإيمانية أيضًا في هذا المقام: التعرف على أسماء الله تعالى "الشاكر-الشكور" وتعلم معانيها، والتأدب بأدبها، فالشكر من صفات الله تعالى التي وصف نفسه بها في كتابه العزيز، قال تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: 147] وقال تعالى أيضًا: {إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 30].

ومنها أيضًا تعويد الفتاة على دوام شكر الله تعالى بالقلب واللسان والجوارح، وأداء سجود الشكر عند حدوث نعمة أو تجددها؛فقد جاء في الحديث الصحيح: (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يسره خر لله ساجدًا شكرًا له عز وجل) [صححه الألباني].

الدعاء:

أخبرنا الله تعالى عن نبيه سليمان عليه السلام أنه قال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} [النمل: 19]، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا دعاءً عظيمًا يطلب فيه من الله أن يعينه على عبادة الشكر،(عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ بيده.

وقال يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك فقال أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) [صححه الألباني]،فبدون المعونة من الله لا يمكن أن يصل الإنسان إلى منزلة العبد الشكور. [الشيخ/محمد المنجد، محاضرة، كيف تكون عبدًا شكورًا؟].

رد جميع النعم إلى الله تعالى:

على الأم أن تذكّر ابنتها دائمًا بنعم الله عليها، وعلى العباد جميعًا، وأنها لا تعد ولا تحصى، مع ردّها جميعًا إلى الله تعالى المنعم، قال تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53].

وأنه إذا شاء نزعها من الجاحدين، وهذا التوجيه يحمي الفتاة من الاغترار والإعجاب بالنفس، ويدعوها إلى الإخبات والتواضع لله تعالى ويولد في قلبها عبادة الشكر. [الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة، حنان الطوري، ص(118)].

معرفة أنّ الشكر يحفظ النعمة ويزيدها:

ومن الأمور التي توجّه إليها الفتاة: أنّ الشكر يحفظ النعم، قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم} [إبراهيم: 7]، فهو ليس فقط يحفظ النعمة وإنما يزيدها، ولذلك كانوا يسمون الشكر: الحافظ، يعني: الحافظ للنعم الموجودة والجالب للنعم المفقودة. وقال عمر بن عبد العزيز : [قيدوا نعم الله بشكر الله].

تبصير الفتاة بالنعم:

فنعم الله تعالى متعددة ومتنوعة، منها نعم الإيجاد من العدم إنسانًا سويًا في أحسن صورة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار6-8]، وأعطاه عينًا ترى، وأذنًا تسمع، وعقلًا يفكر، وقلبًا ينبض، ثمّ أمدّ كل عضو وكل خلية بما يمكنه من الاستمرار في أداء عمله، قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78].

ومنها نعم التسخير، قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية: 13].

ومن ذلك تسخير الوالدين للعناية والتربية، وتسخير الأرض والشمس والقمر والنجوم والهواء والرياح وكل ما في السماوات والأرض ..كل ذلك نعم سخرها الله تعالى من أجلنا.

ومنها نعم العصمة الهداية إلى الإسلام وإلى الإيمان والثبات عليهما، وكذلك نعم العصمة من الكفر وعبادة غير الله تعالى. [حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا، د.مجدي الهلالي، ص(86)].

والاعتبار بالمحرومين منها:

توجيه الفتاة إلى النظر إلى من هم دونها في الدنيا، وألا تنظر إلى من هم فوقها إلا في أمور الدين، فإن نظر العبد إلى من دونه في أمور الدنيا يؤدي إلى تقدير ما رزقه الله من النعم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم) [متفق عليه].

وجاء رجل إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله، فقال له يونس: أَيَسُرُّكَ ببصرك هذا مائة ألف درهم؟ هل يسرك أنك تفقد بصرك وتعطى مائة ألف درهم؟- قال: لا. قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا، قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا. ثم ذكر له نعمًا كثيرة، ثم قال له في النهاية: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة..!

التحدث بالنعم شكرًا لله تعالى:

قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11] والتحدث بالنعم وإظهارها يكون بضوابط مثل، صدق نية الشكر في إظهار النعم وتجنب المباهاة والتفاخر بها، وتجنب ذلك بحضرة الأشخاص المعروف عنهم الحسد قال بعض السلف: كلْ ما شئت، والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سرفٌّ ومخيلة.

شكر الناس على إحسانهم:

تتعود الفتاة على شكر من قدم لها معروفًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من لا يشكر الناس لا يشكر الله"، وأول هؤلاء الناس الوالدين؛ لأنهم أعظم وأصدق الناس عطاءًا للأبناء، ولوصية الله تعالى بهم شكرًا وعرفانًا لإحسانهم، قال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14].

وأخيرًا..عزيزتي الأم:

لنتذكر دائمًا أن إدراك نعم الله تعالى علينا، ودوام شكره عليها بالقلب واللسان و والجوارح هو من العبادات والهيئات التي يحبها الله تعالى ويرضاها لعباده المؤمنين، عنأنس رضي الله تعالى عنهقال، قال رسول الله - صلىاللهعليه وسلم :"إنّاللهتعالى ليرضى عنالعبدأن يأكل الأكلة فيحمده عليها،أو يشرب الشربة فيحمده عليها) [رواهمسلم].

جعلنا الله تعالى وآبائنا وذرياتنا من عباده الشاكرين

المصادر:

- محاضرة،كيف تكون عبدًا شكورًا، الشيخ/محمد صالح المنجد.

- حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا، د.مجدي الهلالي.

- الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة، حنان عطية الطوري.

- أخطاء شائعة في تربية البنات، عادل فتحي عبد الله.
 
 الكاتب: أ. سحر محمد يسري

المصدر: موقع مفكرة الإسلام